ثابت فى يوم محنة السواك
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ثابت فى يوم محنة السواك
في ذاك البرنامج المشهور, حل الصحافي اللامع والكاتب الكبير في احدى الجرائد المشهورة (عبد الباري نيازي) ضيفا, يحاوره المذيع المحنك (حامد سعيد), وكان الحوار حول تلك الطائفة العريضة الآخذة في الانتشار, التي اصطلح المذيع ومحاوره على نعتها (بالمتحجرة عقولهم), وكان عنوان الحلقة:
(العائدون إلى الظلام في زمن العولمة)..
ودار الحوار حول عدة محاور, فتجاذبا أطراف الحديث حول مظاهر انتشار هذه الطائفة وأبرز سماتهم وكيفية مواجهتهم!
وكان من أبرز الصفات التي دأب المذيع ومحاوره على تكرار وصف الشباب بها: الاهتمام (بالفرعيات) –على حد تعبيرهما- وإضاعة الأوقات والجهود وشغل الأذهان بمسائل لا تليق بما نعيشه من الواقع.
وكان مما قاله الأستاذ نيازي:
"خذ مثالا على ذلك..ما يسمى السواك..قطعة من الخشب لا تفارق جيب الواحد منهم, ما أن يصطفوا للصلاة, إلا وتجد كلا منهم يخرج تلك الخشبة ويحك بها أسنانه, وكأن الواحد منهم لم يسمع يوما بما يسمى: (فرشاة الأسنان!), و غيرنا الآن قد ضرب بأوفر سهم في المياكرو تكنولوجي!!"
وفي نهاية الحلقة, جاء اتصال من الشيخ (أبي حسان البحيري), وكانت له هذه المداخلة:
"في الحقيقة أنا أتعجب والله!
منذ أن أخبرني أحد الإخوة عن هذه الحلقة ونقل لي كلام ضيفك, وأنا أسأل نفسي: لمصلحة من هذا الانتقاص الصريح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على شاشة يتابعها ملايين المواطنين؟!
كيف تسمح لضيفك أن يتفوه بما تفوه به دون أن تنكر عليه؟!
السواك سنة عن النبي, لم نقل بفرضيته ولا بتضليل تاركه! , ولكن ما الذي يضيره ويضيرك أن يلتزم الشباب هذه السنة؟!
ثم من أدراه أننا لا نهتم (بالأصول) إن صح تعبيره؟
وهل يستطيع الأستاذ أن يضع لنا ضابطا نستطيع أن نفرق من خلاله بين ما ينبغي التخلي عنه وبين ما ينبغي الاهتمام به من شرائع الدين؟
و أين التعارض بين الاستياك و بين المايكروتكنولوجي؟! لا وجود لهذا التعارض إلا في ذهن ضيفك أصلحه الله, ومن لف لفيفه ممن ساءهم رؤية متبعي السنة في تزايد!
"
فعقب الأستاذ نيازي:
" لأجل (خلة الأسنان), تقوم الدنيا و لا تقعد عندهم..شكرا للشيخ الذي أثبت وجهة نظري للسادة المشاهدين"
في اليوم التالي: يكتب الأستاذ محمد مقالا في الأهرام, بعنوان:
"لا تنكروا علينا إغلاظنا على: (الرجعيين في زمان الانفتاح)"..
وعناوين الجرائد الرسمية وغير الرسمية:
(من أجل السواك: معركة بين شيخ سلفي والأستاذ نيازي..و الأزهر يلتزم الصمت!)
وبعد أربعة أيام: قرار يتوقيف الشيخ فلان, و منعه من الظهور على الفضائيات.
و بعد شهر من الحادثة:
قرار بمنع بيع السواك ومنع استعماله في البلاد.
!!!
= = = = = = =
ذهب أحد الآباء صباح ذلك اليوم ليشتري الجريدة كعادته, فوقعت عيناه على الخبر, فقال على الفور: (ياللمصيبة..هل نحن بحاجة إلى مزيد من المضايقات؟!), ذلك أن ابنه شاب في العشرين من عمره, ملتزم بشرع الله محب للسنة, لا يكاد السواك يفارق جيبه!!
عاد الأب مسرعا إلى البيت, فوجد ابنه يستعد للخروج إلى الجامعة, فنظر أول ما نظر إلى جيب قميصه, فإذا بالسواك في موضعه المعتاد!
الأب: هل سمعت بالخبر.
الابن:أي خبر يا أبي الحبيب؟
الأب لابنه: منعوا استخدام السواك أو حمله! عجب والله..لا أدري أي تفاهة وصل إليها أولئك القوم!
الابن: منعوا السواك؟! إلى هذا الحد؟!
الأب: نعم يا بني..أنت تعلم ما حدث بين الشيخ البحيري وذاك الصحافي هداه الله..
الابن:نعم نعم..و لكن لم أكن لأتصور أن يصل الأمر إلى حد إصدار قرار و تعميمه بخصوص (السواك)!
الأب:المهم...اكسر سواكك هذا وألقه في السلة فورا, فلا نريد المشاكل بالله عليك..
الابن: و لم يا أبت؟
الأب: ألم تسمع ؟..أقول لك لقد منعوا السواك..وتوعدوا –ويا للعجب- المستاكين بكل سوء!
الابن:فكان ماذا؟
الأب: كان أن سواكك هذا الذي لا تكاد تنزعه من جيبك سوف يسبب لك من المضايقات ما الله به عليم! و أنت تعلم حال أبيك, ليس رجلا ذا منصب أو جاه ليدفع عنك أذاهم.
الابن: هذا لن يكون!!فلا أنوي كسره ولا إلقائه, بل سيظل في جيبي طيلة عمري, ولن يفارقني إلا يوم أدخل قبري!
الأب: يا بني! ما هذا الذي أسمع..هل طالبتك بالردة عن دين الإسلام؟ يا بني..هذه سنة على حد علمي! فهل قال عالم بفرضية السواك, أو أنه أحد أركان الإسلام؟!
الابن: لا يا أبي..بل هو مندوب, و تارك الاستياك غير آثم لا ريب في ذلك.
الأب: طيب الحمد لله..ظننتك بدأت في الهذيان..يعني هو سنة..هيا يا بني, ألقه بارك الله فيك, فالله مطلع على ظروفنا,
و ما كان الله ليعذبك على ترك مستحب, لا سيما و أنه سوف يؤدي إلى ما ترى من مصائب نحن في غنى عنها.
و مد الأب يده لينزع السواك من جيب قميص الابن, فتراجع الابن خطوات, و قال:
يا أبت بالله عليك, لا تشمت بي الأعداء..يا أبت لا تحرمني من أجر هذا الجهاد.
الأب:جهاد؟!!!
عن أي شيء تتحدث يا بني؟! ما الذي أصاب عقلك؟! هذا سواك!
كل هذه الضجة من أجل (السواك)؟!
أبوك يأمرك بغير معصية, فوجب عليك طاعته يا "ملتزم"! أم أنها شعارات ترددونها و السلام؟!
و هنا أمسك الابن بيد أبيه و طفق يقبلها وضمها إلى صدره وقال:
لا والله يا أبت...ما كنت لأعصيك أبدا, ولكني أقبل يديك وقدميك إن شئت ألا تجبرني على نزع السواك من جيبي.
الأب ينظر إلى ابنه في ذهول!
الابن و قد سالت دموعه: يا أبي لا أخفيك..والله إني لأحب النبي صلى الله عليه و سلم أكثر منك ومن نفسي ومن الناس أجمعين, ولا أظن أن هذا يغضبك.
الأب: لا يا بني لا يغضبني..و أنا والله أحب النبي عليه الصلاة والسلام..ولكن هذا تشدد منك واضح يا حبيبي!
الابن: وأين التشدد يا أبي؟! هل ألزمتك بالسواك؟ هل شنعت على من لا يستاك؟! هذا شيء ألزم به نفسي ولا أطالب به أحدا.
يا أبت قد قال ربي: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا)..و لا أخفيك يا أبت..فإني أرجو الله واليوم الآخر, ووددت لو أحطت بسنة النبي صلى الله عليه و سلم علما, وأتيت عليها من أولها إلى آخرها, فعملت بكل حديث فيها, ما تركت سنة إلا واتبعتها..أحبه يا أبي, و أموت دونه و أفديه بنفسي ومالي..
يا أبي..
(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)
يا أبي...قد قدر الله أن أخلق بعد وفاته, فأنا أحاول أن أتمثل سنته في كل حركة وسكنة في حياتي, وفي هذا جبر لمصابي الأعظم بموته صلى الله عليه و سلم.
يا أبي والله كم تمنيت لو كنت مكان أبي دجانة يوم أحد, فألقي بنفسي فوقه كالترس و أتلقى سهام قريش..
و كم كنت أتمنى لو كنت مكان أبي عبيدة في ذات اليوم, فأفقد بعض أسناني كي أخرج حديد المغفر من وجنته الشريفة..
أحبه يا أبي حبا ملأ سمعي وبصري وفؤادي.
الأب: نعم يا بني..جيد والله, و علم الله أن قلبي الأن تتجاذبه مجموعة من المشاعر لا أملك وصفها, و لكن قل لي.. أليس الله قد عذر المكره؟!!
الابن:بلى يا أبي, ولكني أتلذذ بالصبر على الأذى في سبيل أن تظهر سنته, كما أن لي في القضية نظرة أخرى,
فإني لا أراها خلافا على مسألة السواك فحسب, بل حربا على سنة النبي وشرع رب العزة...
حربا طويلة المدى, الله وحده يعلم متى تنقضي, و ما اليوم إلا إحدى حلقاتها..
سيخرجون لنا كل يوم, يجلبون علينا بخيلهم ورجلهم لإجبار المسلمين على ترك إحدى السنن إذا ما رأوها تنتشر.
يا أبي..لو جاءنا النبي صلى الله عليه و سلم الآن وفتح الباب و دخل فسلم علينا ثم قال: "يا أبا فلان: لولا أن أشق عليك لأمرتك بالسواك عند كل صلاة" ثم سلم و انصرف..أتراك يا أبي تطيعه أم تعرض عن أمره؟ أتراك تسأله: يا رسول الله : سنة هذه أم فرض؟! و هل في الأمر خلاف بين أحمد و الشافعي؟!..هو هديه صلى الله عليه و سلم, و نقله عنه أصحابه, فوصل إلينا, ففرحنا به, فرحنا بفضل الله وبرحمته, و لم نملك إلا التأسي به.
هذا مبلغي, و هذا من أرجى الأعمال عند مليكي!
مابالنا يا أبت قد هانت علينا سنة النبي صلى الله عليه و سلم إلى هذا الحد, حتى صار رعاع القوم ينهشون فيها من كل جانب, و نحن نتراجع ونجبن ونرضى بان نكون مع الخوالف؟!
يا أبت والله ما حوربت السنة إلا يوم قصرنا عن التمسك بها وزهدنا غي هدي سيد ولد آدم, ولو أحببناه حق المحبة لما قصرنا في اتباعه, ولما تجرأ علينا ساعتها شرق ولا غرب.
بالله عليك يا أبي..لو تخلى المسلمون عن كل سنة حاربها أعداء الله, ألن يأتي يوم يندرس فيه الدين بالكلية, و لا يبقى منه لا سواك و لا صلاة بل ولا توحيد!
أما إن صبرنا الآن, و ذببنا عن هذه السنة, و أبينا إلا التزامها, وليحدث ما يحدث, ولو قتلونا أو حرقونا, فليأتين يوم من الدهر, يقول فيه المسلمون عن السواك: قد ابتلي من أجل عود الأراك رجال, فصبروا حتى مكن الله لهم وانقضت المحنة, فكيف لنا أن نفرط فيه, و نحن الآن في رغد من العيش؟!
و ليأتين يوم تحارب فيه سنة جديدة, فيذكرون (محنة السواك), وكيف أنزل الله الصبر على أهل التدين, فأبلوا أحسن البلاء.
و ليأتين يوم آخر, ترفع فيه أفاعي النفاق رؤوسها, ويسعون في صرف الناس عن الصلاة وعن صيام رمضان, فيخرج لهم رجال بحق, أبنائي و أحفادك ورفاقهم, يقولون: لقد ابتلي أبي ورفقته في ذات الله من أجل السواك..ألا نصبر على أذى أيام معدودات, من أجل الصلاة ؟
و ليأتين يوم يصرح الزنادقة بما تخفي صدورهم, ويسبون الرب جل وعلا, و يؤذون كل من تسول له نفسه الإنكارَ عليهم, وساعتها, يذكر رجالُ الجيل تلكم الثلة الصابرة.
و لآتين أنا يوم القيامة, حين يذاد أناس عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم, فيقول: (أصيحابي)..فيقال له: إنك لا تدري ماذا أحدثوا
بعدك..
ساعتها, آتي أنا مسرعا مهرولا صوب حبيبي الذي منَّ الله علي وابتليت فداء سنته, وطالما تمنيت رؤيته, فأقول: أنا يا رسول الله, والله ما بدلت ولا غيرت, وما فرطت في شيء من سنتك مهما زهد فيه الزاهدون, و صبرت على أشد الأذى (يوم السواك) فاسقني...فيسقيني بيديه الشريفتين شربة لا أظمأ بعدها أبدا..
أحبه من كل قلبي يا أبت, و لا أطيق أن أرى سنته يقتطع منها لو قيد أنملة..
يا أبت فلتعلم أن ابنك قد عزم على أن يثبت, و لو قضى الأمر أن يكون: (شهيد السواك), فوالله إنه لأعظم الشرف.
و إن مرت هذه المحنة بسلام إن شاء الله, فقد علم الله منا صدقا في الذب عن دينه, ولكنها ليست بآخر الحلقات, فغيرها آت لا محالة, فلتعلم أن ابنك قد نذر نفسه للذب عن شرع الله و سنة النبي صلى الله عليه وسلم, يتعلمها ويعمل بها ويدعو إليها ويصبر على الأذى في ذلك, حتى يأتيه ملك الموت, وأرجو أن يرضيك الله عني.
هنا ضمه الأب إلى صدره ودموعه قد تساقطت بغزارة, وهو يقول:
"ما شاء الله..ما شاء الله..سر قدما يا بني, والله معكم, ولن يتركم أعمالكم."
منقوووووووووول
(العائدون إلى الظلام في زمن العولمة)..
ودار الحوار حول عدة محاور, فتجاذبا أطراف الحديث حول مظاهر انتشار هذه الطائفة وأبرز سماتهم وكيفية مواجهتهم!
وكان من أبرز الصفات التي دأب المذيع ومحاوره على تكرار وصف الشباب بها: الاهتمام (بالفرعيات) –على حد تعبيرهما- وإضاعة الأوقات والجهود وشغل الأذهان بمسائل لا تليق بما نعيشه من الواقع.
وكان مما قاله الأستاذ نيازي:
"خذ مثالا على ذلك..ما يسمى السواك..قطعة من الخشب لا تفارق جيب الواحد منهم, ما أن يصطفوا للصلاة, إلا وتجد كلا منهم يخرج تلك الخشبة ويحك بها أسنانه, وكأن الواحد منهم لم يسمع يوما بما يسمى: (فرشاة الأسنان!), و غيرنا الآن قد ضرب بأوفر سهم في المياكرو تكنولوجي!!"
وفي نهاية الحلقة, جاء اتصال من الشيخ (أبي حسان البحيري), وكانت له هذه المداخلة:
"في الحقيقة أنا أتعجب والله!
منذ أن أخبرني أحد الإخوة عن هذه الحلقة ونقل لي كلام ضيفك, وأنا أسأل نفسي: لمصلحة من هذا الانتقاص الصريح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على شاشة يتابعها ملايين المواطنين؟!
كيف تسمح لضيفك أن يتفوه بما تفوه به دون أن تنكر عليه؟!
السواك سنة عن النبي, لم نقل بفرضيته ولا بتضليل تاركه! , ولكن ما الذي يضيره ويضيرك أن يلتزم الشباب هذه السنة؟!
ثم من أدراه أننا لا نهتم (بالأصول) إن صح تعبيره؟
وهل يستطيع الأستاذ أن يضع لنا ضابطا نستطيع أن نفرق من خلاله بين ما ينبغي التخلي عنه وبين ما ينبغي الاهتمام به من شرائع الدين؟
و أين التعارض بين الاستياك و بين المايكروتكنولوجي؟! لا وجود لهذا التعارض إلا في ذهن ضيفك أصلحه الله, ومن لف لفيفه ممن ساءهم رؤية متبعي السنة في تزايد!
"
فعقب الأستاذ نيازي:
" لأجل (خلة الأسنان), تقوم الدنيا و لا تقعد عندهم..شكرا للشيخ الذي أثبت وجهة نظري للسادة المشاهدين"
في اليوم التالي: يكتب الأستاذ محمد مقالا في الأهرام, بعنوان:
"لا تنكروا علينا إغلاظنا على: (الرجعيين في زمان الانفتاح)"..
وعناوين الجرائد الرسمية وغير الرسمية:
(من أجل السواك: معركة بين شيخ سلفي والأستاذ نيازي..و الأزهر يلتزم الصمت!)
وبعد أربعة أيام: قرار يتوقيف الشيخ فلان, و منعه من الظهور على الفضائيات.
و بعد شهر من الحادثة:
قرار بمنع بيع السواك ومنع استعماله في البلاد.
!!!
= = = = = = =
ذهب أحد الآباء صباح ذلك اليوم ليشتري الجريدة كعادته, فوقعت عيناه على الخبر, فقال على الفور: (ياللمصيبة..هل نحن بحاجة إلى مزيد من المضايقات؟!), ذلك أن ابنه شاب في العشرين من عمره, ملتزم بشرع الله محب للسنة, لا يكاد السواك يفارق جيبه!!
عاد الأب مسرعا إلى البيت, فوجد ابنه يستعد للخروج إلى الجامعة, فنظر أول ما نظر إلى جيب قميصه, فإذا بالسواك في موضعه المعتاد!
الأب: هل سمعت بالخبر.
الابن:أي خبر يا أبي الحبيب؟
الأب لابنه: منعوا استخدام السواك أو حمله! عجب والله..لا أدري أي تفاهة وصل إليها أولئك القوم!
الابن: منعوا السواك؟! إلى هذا الحد؟!
الأب: نعم يا بني..أنت تعلم ما حدث بين الشيخ البحيري وذاك الصحافي هداه الله..
الابن:نعم نعم..و لكن لم أكن لأتصور أن يصل الأمر إلى حد إصدار قرار و تعميمه بخصوص (السواك)!
الأب:المهم...اكسر سواكك هذا وألقه في السلة فورا, فلا نريد المشاكل بالله عليك..
الابن: و لم يا أبت؟
الأب: ألم تسمع ؟..أقول لك لقد منعوا السواك..وتوعدوا –ويا للعجب- المستاكين بكل سوء!
الابن:فكان ماذا؟
الأب: كان أن سواكك هذا الذي لا تكاد تنزعه من جيبك سوف يسبب لك من المضايقات ما الله به عليم! و أنت تعلم حال أبيك, ليس رجلا ذا منصب أو جاه ليدفع عنك أذاهم.
الابن: هذا لن يكون!!فلا أنوي كسره ولا إلقائه, بل سيظل في جيبي طيلة عمري, ولن يفارقني إلا يوم أدخل قبري!
الأب: يا بني! ما هذا الذي أسمع..هل طالبتك بالردة عن دين الإسلام؟ يا بني..هذه سنة على حد علمي! فهل قال عالم بفرضية السواك, أو أنه أحد أركان الإسلام؟!
الابن: لا يا أبي..بل هو مندوب, و تارك الاستياك غير آثم لا ريب في ذلك.
الأب: طيب الحمد لله..ظننتك بدأت في الهذيان..يعني هو سنة..هيا يا بني, ألقه بارك الله فيك, فالله مطلع على ظروفنا,
و ما كان الله ليعذبك على ترك مستحب, لا سيما و أنه سوف يؤدي إلى ما ترى من مصائب نحن في غنى عنها.
و مد الأب يده لينزع السواك من جيب قميص الابن, فتراجع الابن خطوات, و قال:
يا أبت بالله عليك, لا تشمت بي الأعداء..يا أبت لا تحرمني من أجر هذا الجهاد.
الأب:جهاد؟!!!
عن أي شيء تتحدث يا بني؟! ما الذي أصاب عقلك؟! هذا سواك!
كل هذه الضجة من أجل (السواك)؟!
أبوك يأمرك بغير معصية, فوجب عليك طاعته يا "ملتزم"! أم أنها شعارات ترددونها و السلام؟!
و هنا أمسك الابن بيد أبيه و طفق يقبلها وضمها إلى صدره وقال:
لا والله يا أبت...ما كنت لأعصيك أبدا, ولكني أقبل يديك وقدميك إن شئت ألا تجبرني على نزع السواك من جيبي.
الأب ينظر إلى ابنه في ذهول!
الابن و قد سالت دموعه: يا أبي لا أخفيك..والله إني لأحب النبي صلى الله عليه و سلم أكثر منك ومن نفسي ومن الناس أجمعين, ولا أظن أن هذا يغضبك.
الأب: لا يا بني لا يغضبني..و أنا والله أحب النبي عليه الصلاة والسلام..ولكن هذا تشدد منك واضح يا حبيبي!
الابن: وأين التشدد يا أبي؟! هل ألزمتك بالسواك؟ هل شنعت على من لا يستاك؟! هذا شيء ألزم به نفسي ولا أطالب به أحدا.
يا أبت قد قال ربي: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا)..و لا أخفيك يا أبت..فإني أرجو الله واليوم الآخر, ووددت لو أحطت بسنة النبي صلى الله عليه و سلم علما, وأتيت عليها من أولها إلى آخرها, فعملت بكل حديث فيها, ما تركت سنة إلا واتبعتها..أحبه يا أبي, و أموت دونه و أفديه بنفسي ومالي..
يا أبي..
(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)
يا أبي...قد قدر الله أن أخلق بعد وفاته, فأنا أحاول أن أتمثل سنته في كل حركة وسكنة في حياتي, وفي هذا جبر لمصابي الأعظم بموته صلى الله عليه و سلم.
يا أبي والله كم تمنيت لو كنت مكان أبي دجانة يوم أحد, فألقي بنفسي فوقه كالترس و أتلقى سهام قريش..
و كم كنت أتمنى لو كنت مكان أبي عبيدة في ذات اليوم, فأفقد بعض أسناني كي أخرج حديد المغفر من وجنته الشريفة..
أحبه يا أبي حبا ملأ سمعي وبصري وفؤادي.
الأب: نعم يا بني..جيد والله, و علم الله أن قلبي الأن تتجاذبه مجموعة من المشاعر لا أملك وصفها, و لكن قل لي.. أليس الله قد عذر المكره؟!!
الابن:بلى يا أبي, ولكني أتلذذ بالصبر على الأذى في سبيل أن تظهر سنته, كما أن لي في القضية نظرة أخرى,
فإني لا أراها خلافا على مسألة السواك فحسب, بل حربا على سنة النبي وشرع رب العزة...
حربا طويلة المدى, الله وحده يعلم متى تنقضي, و ما اليوم إلا إحدى حلقاتها..
سيخرجون لنا كل يوم, يجلبون علينا بخيلهم ورجلهم لإجبار المسلمين على ترك إحدى السنن إذا ما رأوها تنتشر.
يا أبي..لو جاءنا النبي صلى الله عليه و سلم الآن وفتح الباب و دخل فسلم علينا ثم قال: "يا أبا فلان: لولا أن أشق عليك لأمرتك بالسواك عند كل صلاة" ثم سلم و انصرف..أتراك يا أبي تطيعه أم تعرض عن أمره؟ أتراك تسأله: يا رسول الله : سنة هذه أم فرض؟! و هل في الأمر خلاف بين أحمد و الشافعي؟!..هو هديه صلى الله عليه و سلم, و نقله عنه أصحابه, فوصل إلينا, ففرحنا به, فرحنا بفضل الله وبرحمته, و لم نملك إلا التأسي به.
هذا مبلغي, و هذا من أرجى الأعمال عند مليكي!
مابالنا يا أبت قد هانت علينا سنة النبي صلى الله عليه و سلم إلى هذا الحد, حتى صار رعاع القوم ينهشون فيها من كل جانب, و نحن نتراجع ونجبن ونرضى بان نكون مع الخوالف؟!
يا أبت والله ما حوربت السنة إلا يوم قصرنا عن التمسك بها وزهدنا غي هدي سيد ولد آدم, ولو أحببناه حق المحبة لما قصرنا في اتباعه, ولما تجرأ علينا ساعتها شرق ولا غرب.
بالله عليك يا أبي..لو تخلى المسلمون عن كل سنة حاربها أعداء الله, ألن يأتي يوم يندرس فيه الدين بالكلية, و لا يبقى منه لا سواك و لا صلاة بل ولا توحيد!
أما إن صبرنا الآن, و ذببنا عن هذه السنة, و أبينا إلا التزامها, وليحدث ما يحدث, ولو قتلونا أو حرقونا, فليأتين يوم من الدهر, يقول فيه المسلمون عن السواك: قد ابتلي من أجل عود الأراك رجال, فصبروا حتى مكن الله لهم وانقضت المحنة, فكيف لنا أن نفرط فيه, و نحن الآن في رغد من العيش؟!
و ليأتين يوم تحارب فيه سنة جديدة, فيذكرون (محنة السواك), وكيف أنزل الله الصبر على أهل التدين, فأبلوا أحسن البلاء.
و ليأتين يوم آخر, ترفع فيه أفاعي النفاق رؤوسها, ويسعون في صرف الناس عن الصلاة وعن صيام رمضان, فيخرج لهم رجال بحق, أبنائي و أحفادك ورفاقهم, يقولون: لقد ابتلي أبي ورفقته في ذات الله من أجل السواك..ألا نصبر على أذى أيام معدودات, من أجل الصلاة ؟
و ليأتين يوم يصرح الزنادقة بما تخفي صدورهم, ويسبون الرب جل وعلا, و يؤذون كل من تسول له نفسه الإنكارَ عليهم, وساعتها, يذكر رجالُ الجيل تلكم الثلة الصابرة.
و لآتين أنا يوم القيامة, حين يذاد أناس عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم, فيقول: (أصيحابي)..فيقال له: إنك لا تدري ماذا أحدثوا
بعدك..
ساعتها, آتي أنا مسرعا مهرولا صوب حبيبي الذي منَّ الله علي وابتليت فداء سنته, وطالما تمنيت رؤيته, فأقول: أنا يا رسول الله, والله ما بدلت ولا غيرت, وما فرطت في شيء من سنتك مهما زهد فيه الزاهدون, و صبرت على أشد الأذى (يوم السواك) فاسقني...فيسقيني بيديه الشريفتين شربة لا أظمأ بعدها أبدا..
أحبه من كل قلبي يا أبت, و لا أطيق أن أرى سنته يقتطع منها لو قيد أنملة..
يا أبت فلتعلم أن ابنك قد عزم على أن يثبت, و لو قضى الأمر أن يكون: (شهيد السواك), فوالله إنه لأعظم الشرف.
و إن مرت هذه المحنة بسلام إن شاء الله, فقد علم الله منا صدقا في الذب عن دينه, ولكنها ليست بآخر الحلقات, فغيرها آت لا محالة, فلتعلم أن ابنك قد نذر نفسه للذب عن شرع الله و سنة النبي صلى الله عليه وسلم, يتعلمها ويعمل بها ويدعو إليها ويصبر على الأذى في ذلك, حتى يأتيه ملك الموت, وأرجو أن يرضيك الله عني.
هنا ضمه الأب إلى صدره ودموعه قد تساقطت بغزارة, وهو يقول:
"ما شاء الله..ما شاء الله..سر قدما يا بني, والله معكم, ولن يتركم أعمالكم."
منقوووووووووول
Hancock- V.I.P
- عدد المساهمات : 1714
العمر : 34
مـــــــــــــزاجـى :
النـادى المفضـل :
هـــــــــوايتــــى :
تاريخ التسجيل : 04/03/2009
دعـــــــــــــــــاء :
رد: ثابت فى يوم محنة السواك
جميل جدا جدا يا محمود
ربنا يكرمك يارب ويوفقك
شكرا جزيلا وجزاك الله خيرا كثيرا
ربنا يكرمك يارب ويوفقك
شكرا جزيلا وجزاك الله خيرا كثيرا
dezner- Master
- عدد المساهمات : 9763
العمر : 33
مـــــــــــــزاجـى :
النـادى المفضـل :
هـــــــــوايتــــى :
تاريخ التسجيل : 25/11/2008
دعـــــــــــــــــاء :
رد: ثابت فى يوم محنة السواك
اللهم آمين
شكرا على الدعوتين دول يا محمد
نورتنى بأجمل مرور
شكرا على الدعوتين دول يا محمد
نورتنى بأجمل مرور
Hancock- V.I.P
- عدد المساهمات : 1714
العمر : 34
مـــــــــــــزاجـى :
النـادى المفضـل :
هـــــــــوايتــــى :
تاريخ التسجيل : 04/03/2009
دعـــــــــــــــــاء :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى