عندما تموت امك بين يديك

لا كلام , لا صوره , ولا شعر , ولا بكاء , ولا نحيب , ولا صراخ, ولا تمزيقا للقلوب ,يصف كون امرء يضم امه بين يديه تموت,تسقط سقطه واحده - وهي سليمة- , تنظر في عينيها , فلا تنظر اليك , و تنادي بصوت متهدج , ماذا بك يا أمي ؟ ,فلا تجيبك, وتصرخ فلا تسمعك , او قد تكون تسمعك و تراك لكنها تراك من مكان اخر , حيث تنظر لجسد فارغ من روح, روحه تحسك و تلمسك , لكن هيهات لك ان تراها .
حين ترى جسدا توقف عن التنفس , بنبضات قلب ضعيفه ! فلا حراك , تلمس معصمها بيدك المرتعشه الخائفة,
تبحث عن نبضة , وتظل تبحث كمن يبحث عن كوب ماء في صحراء, ولا تجد , و يزيد عطشك.
,و تحملها من على الارض لتضعها على سريرها , و تبذل كل ما في وسعك لكي تسمع منها كلمه لكنها لن تجيب فانها لم تعد في عالمك .

عندما تتكلم معها وتتسامروا , و تراها قد قامت و دخلت غرفتها و جعلت واقفه قليلا للحظه ثم تضحك و تبتسم , ثم تسقط , فانت تجري عليها توقفها و لا تظن ابدا ان بها شئ و انه مجرد ارهاق او تعب,لا تصدق من بجوارك يقولون انها تذهب منــّا , لا تذهبي , فتقول انت تذهب اين؟ , ثم تقوم بكل ما تستطيع لايقاذها مما هي فيه, كل شئ.
ثم ترى اخوانك كل قد اخذ ركنا ضئيلا, وياخذ يتضاءل فيه حتى يختفي , و عندما ترى من كنت تعرف فيهم القوه يبكون كرضيعا , تاخرت امه في اطعامه, و يؤذن الفجر فتقول لامك انتظري ساذهب للصلاة وآت اليك, فترى من يأمك يقرا في كتاب الله آيات تبشر الصابرين و تبشر المؤمنين اللذين اذا اصابتهم مصيبه قالو انا لله وانا اليه راجعون, فتبكي و تنتهي من صلاتك و تجري لبيتك وقد صعد معك الناس يشدو عليك, و نات ترى الزحام في منزلك , ليس زحام اخر يوم في رمضان و زحام قرب العيد , انه زحام الدنيا مع الاخره , و تدعو لتؤمن من خلفك الملائكة باذن الله, و مع ذلك لا تصدق ما انت فيه, وترى ويرى الناس معك عصافيرا قد دخلت لبيتك لا تعرف من اين اتت تغرد و تطير تحت سماء بيتك .
عندما تظل نائما جوارها تضع راسك على صدرها لتذكر معها حياتك كلها , تذكر الايام والاماكن و الزمان والفرح والحزن ,و تلصق يدها الباردة بخدك تدفئه , و تظل تقبلها طوال الليل دون كلل او ملل , و تنظر اليها من وقت لوقت , فتراها وكانها تتنفس فتنادي البشر بالخارج تعالوا , انظرو لقد استيقذت , فيزدادوا بكاءا , ثم ترجع لها تقول لها تحدثي معهم كي يعرفوا.
حينما تنسى بجوارها انها ستدفن غدا , و تظن كالطفل الابله انها ستظل على سريرها هنا , لكن دون كلام, وتتناسي انها ستتركك وحيدا بعد ساعات , لتذوق حق وجع الحياة الدنيئة, ثو تجد من يشدك من جوارها, ويقول لك اصعد للشقه الثانية, فلا يصح ان تحضر غسلها , غسل ماذا؟ و اصعد اين؟
و تصعد لاعلى ظاننا انه يقول لك اصعد ليكون لك مفاجاه باعلى قد تجدها تنتظرك , لكنك تصعد فتجد النساء قد ارتدين ما لديهن من سواد, و تنزل لبيتك ف تجدهم قد اغلقوه , ويمنعوك من الدخول , وتشم ريح الكافور وتعرف , ان تلك الرائحه المخيفة ستظل تشمها ما دمت تحيا, وتصعد الى الشرفة لتجد في الشارع صوانا قد نصب , وسيارة تنتظر جسمانا بلا روح لتقله لكي تصل عليه, وتسال من اين هذه الاشياء ومتى اتيتم بها , لتدري انك كنت في عالما اخر , ولتبدا الان البكاء لانك تعرف انها قد ماتت , فلقد نصب الصوان , وصليت عليها , وصلى اناس صائمون مع انك تراها تتنفس بلا توقف وتحس بيدها نبضا حتى اخر لحظه, حتى تدخلها بيديك القبر , القبر الذي تحس به بهواء بارد ياتي من عمقه , هواء بارد به ريح جميل ريح الجنة باذن الله,
ثم تخبر الرجل ان يغلق عليك معها – غير مبالغا- ف يشدوك بالقوة حتى يغلقو هذا القبر او القصر اللتى دفنت فيه.
وترجع فتجدون في طريقك مطر كثيف من سماء الله يسقط على الارض اللتي دفنتها بها, فتمطر عينك مع هذا المطر ويبدا قلبك يربط الاحداث, وترى الناس لا يعرفونها ويدعون لها ويبكون في دعائهم , كل هذا يجعلك لديك شئ من جلد, شئ من صبر , وانه للصبر, (وبشر الصابرين).
فتجد الناس يهنئوك ويقولون لك والله نراها بالجنة, عندما تجلس بالصوان فتجد احد الرجال يقف فجاة ويحلف بالله ويقول والله ان تلك المراة صالحة , كانت قد جلست مع زوجتي قبل وفاتها باسبوع كانت قد قالت لها قد نويت احفظ القرآن مجودا , و قد كانت امام عينيك في البيت تحفظ به فعلا , و كانت تنوي الحج لبيت الله , فلعل الله قد اعطاها ثواب الحج والقرآن جميعا , عندما تتحدث عن طيبة القلب والطفوله و الصدق والعفويه , عندما تسمع كل يوم تقريبا من قريبة لك او قريب ان امك قد اتت في منامها تقول لها افرحوا فان قبري كله نور , قبري كله نور ,
عندما يجتمع كل ذلك في محض ثلاثة ايام , فانك تتحدد عن وفاة ام لك شابة صالحة.