(( مشاهد من حياتها ))

من طرف dr_khaled الإثنين سبتمبر 07, 2009 10:42 pm

مشاهد من حياتها .. من حياة الفتاة الطفلة ..
الطفلة في طفولتها .. والطفلة في شبابها ..
تعيش كل حياتها بروح الطفلة .. وبصفاء الملائكة .. وبمناجاة الله ورعايته ..
لا تظن سيئا في الناس .. ولا تكره المخطئ .. بينما من كل قلبها تكره خطأه ..
لكن الكره هذا لم يتعد يوما حواجز هي وضعتها دون قلبها .. حتى لا يصل الكره إليه ..
لا الكره ولا الحقد .. لا الغيرة أو الشماتة أو غيرها ..
طفلتنا تُدعى ريهام ..
والحياة في نظرها واحة سلام ..
وحياتها انقسمت لمشاهد ..
مشاهد تشبه في غرابتها الأحلام ..

المشهد الأول لم يكن بعيدا عن مولدها .. ولم يكن بسذاجة عقلها .. ولا بصغر حجمها ..
كان مشهدا أكبر بكثير مما يمكن قلبها الصغير تحمله ..
كان المشهد وهي في الرابعة من عمرها ..
ولكنه حفر بذاكرتها ..
يومٌ عصيب ومشهد كئيب ..
وبكل أسف كانت ريهام بطلة المشهد الكئيب ..

حينما نامت واستيقظت على شئ لم يكن معتادا ..
استيقظت على تجمع كبير في غرفة أمها ..
جدتها توقظ أمها .. والأم لا ترد .. الجدة تداعب أمها وتنصحها بألا تتمارض ..
بأن تقوم فأولادها قد احتاجوا لها .. وقد طال نومها ..
ومع كل هذا النداء .. لا ترد .. لا ترد ..
اقتربت الجدة ومعها أخو ريهام الأكبر ليطمأنوا على الأم ..
الأم عينها مفتوحة .. وهامدة لا تتحرك ..

إذن فقد ماتت .. ماتت الأم وتركت أولادها في خضم الدنيا .. وتركت ريهام
وريهام أصلا لا تعلم معنى الموت ..
وأنى لها أن تعلم؟! .. وهي لحينها علمت فقط معنى الحياة .. ومعنى الميلاد ..
كتب للطفلة أن تكون يتيمة .. وهي أبدا لا تدرك حجم مصيبتها ..
لا تعلم الطفلة معنى أن الشخص يرحل .. ويترك ابنه وابنته وماله وداره ..

نواحٌ وعويلٌ وأقارب تجمعوا .. والطفلة ..
الطفلة وسط كل هذا .......... تبتسم .. تبتسم فرحة لتجمع الناس من حولها ..
حتى جاءت عربةُ الإسعاف .. حملوا أمها وذهبوا
بدأت الطفلة تعلم هول الفاجعة ..
ارتمت بحضن جدها .. وسألته أصعب سؤال .. سؤال مستوحى من براءة الأطفال ..

سألت جدها .. ماذا حدث لأمي ؟! .. لماذا أخذوها ؟ لماذا ؟
.. أطرق جدها .. ودمعت عينه .. وهو يجلس هناك ..
على الأرض .. افترش الأرض ورد عليها .. قال لها .. تحتاج أمك لعملية في المستشفى .. ستأتي بعد قليل .. لا تقلقي ..

ارتمت في حضنه وحضنته . ودعت الله أن يشفي أمها ..
المسكينة لا تعلم أن أمر الله نفذ .. وأن أمها لن تعود .. لن تعود ..

ذهب الأولاد .. وذهبت معهم ريهام .. لأحد الأقارب .. فقد كان الأهل حريصين عليهم .. وعلى حالتهم النفسية ..
وعند القريب .. كان سمتُ الناس الحزن ..
وحالهم البكاء .. وعيونهم .. لا تكاد تُرى من الدموع ..
استغربت الطفلة .. علام يبكون ؟؟؟ قالت لهم .. أنتم لا تدرون شيئا .. قد سألت جدي .. وأخبرني أن أمي بالمشفى
ولعلها ستعود قريبا جدا .. علام إذن البكاء والنحيب ؟!!
نظروا لها جميعهم نظرة شفقة وعطف .. وكانت أول مرة .. أول مرة تتلقى فيها الطفلة نظرة الشفقة ..
ولكنها ليست الأخيرة ..

ريهام ..
ما أجملها ! وأرقها ! وما أعظم براءتها ..
تلك البراءة التي دفعت جدها ألا يكسرها .. فالطفلة ريهام أرق من أن تعرف معنى الرحيل والوداع .. والاشتياق دون مجيب ..

هذا كان أول مشهد من حياة الطفلة ريهام ..
بدأت حياتها بقسوة الدنيا .. وفتك الدهر لكل ما هو جميل ..
استيقظت مبكرا .. لتجد نفسها من دون أعز ما تملك أي طفلة في سنها ..
استيقظت لتعلم أن الدنيا تأخذ قبل ما تعطي ...
كان الله في عون ريهام ...
كان أول مشهد في حياتها .. ولكنه لن يكون الأخير ..
فمازال للمشاهد بقية .........