عالم نووي مصري يكشف تفاصيل طرده من أمريكا بزعم تهديد الأمن القومي
صفحة 1 من اصل 1
عالم نووي مصري يكشف تفاصيل طرده من أمريكا بزعم تهديد الأمن القومي
بعد شهور من تعرض عالم الفيزياء النووية الأمريكي من أصل مصري عبد المنعم الجنايني للفصل المفاجئ من عمله في معمل نووي في بنسلفانيا دون ذكر الأسباب، يكشف في أول حوار مع وسيلة إعلامية عن تفاصيل إبعاده من بلده الثاني بذريعة "الأمن القومي" التي استند إليها قرار الفصل، مقررا العودة لبلده الأصلي بعد ثلاثة عقود قضاها في الولايات المتحدة.
وعلى مدار 18 عاما، عمل الجنايني في معمل الطاقة الذرية في بيتيس وترقى لدرجة "عالم أول"، وكان يحمل تصريحًا أمنيًّا من وزارة الطاقة حتى تم إيقافه دون تفسير في أكتوبر عام 2007 وإلغاؤه في مايو 2008، دون عقد جلسة استماع بسبب "اعتبارات الأمن القومي"، وتلا ذلك فصله من عمله.
وقال الجنايني (57 عاما) لأول مرة منذ عودته للقاهرة "فجأة وبدون سابق إنذار انتهى كل ما اجتهدت من أجله طوال حياتي دون منحي حتى مجرد فرصة الدفاع عن نفسي"، وعبر عن أمله بتبرئة اسمه وإلقاء الضوء على ما أسماه "انتهاكات حقوق الإنسان"، التي تعرض لها على أيدي بلده الثاني؛ وذلك قبل نظر استئنافه الثاني على قرار فصله، والذي يحل موعده في فبراير الجاري.
وأضاف الجنايني من منزل أخيه؛ حيث يقيم حتى يتمكن من ترتيب أموره بعد عودته المفاجأة "قضيتي تثبت أن كوني مواطنًا أمريكيًّا لا يعني أبدا معاملتي كأمريكي، أكون مواطنًا فقط عندما تكون حقوقي محمية ولا يمكن لهذا الأمر أن يتحقق في بيئة يغلفها الخوف والطغيان باسم الأمن القومي".
كان الجنايني ناشطًا في المجالات الإنسانية في مجتمعه ويقوم بمساعدة نزلاء السجون المحلية، كما أسهم في تأسيس المركز الإسلامي في "بيتسبرج"، بالإضافة لبناء مسجد، وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما تبعها من صدور قوانين المواطنة وغيرها من الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، أصبح الجنايني منتقدا للسياسات الأمريكية تجاه المسلمين الأمريكيين وتجاه حرب العراق.
ويضيف الجنايني أنه بدأ يتعرض للاستجواب من جانب مكتب المباحث الفيدرالية (إف بي آي) ووزارة الطاقة، ورغم ذلك نجح الجنايني في الاختبارات الأمنية الروتينية ولم يحصل أبدا على تقدير أداء سلبي طوال ما يقرب من عقدين من الزمن في العمل في مشاريع تتعلق بالأمن القومي.
وقال إن أي مسلم يعيش في الغرب يدرك الصدام الحاد بين أمريكا والمسلمين بسبب النظرة الضيقة للمصالح الأمريكية، وأضاف "اتخذ كثير من المسلمين مواقف واضحة، فالبعض يتجنب المشاكل والبعض الآخر يدفع ثمنًا باهظًا بسبب مواقفه، اتخذ كثير من المسلمين مواقف واضحة، سواء بالكتابة أم التحدث بوضوح ضد الظلم ولكنهم تعرضوا للاستهداف من جانب سياسات أمريكا المضللة".
دعاوى الأمن القومي:
وتبنى اتحاد الحريات المدنية الأمريكية قضية الجنايني متهمين وزارة الطاقة بإيقاف تصريحه الأمني انتقامًا منه بسبب انتقاده العلني والحاد للسياسة الخارجية الأمريكية ولمكتب المباحث الفيدرالية، كما اتهموها بالسعي لتغطية تلك الانتهاكات الصارخة لحقه في التعبير الذي يكفله الدستور باستدعاء "دعاوى الأمن القومي" ضد مواطن أمريكي مسلم، ولد في بلد أجنبي.
أضاف الجنايني، مشبها الوضع في أمريكا بما كان عليه الوضع في مصر إبان أنظمة سابقة، "لن أجن بسبب إلغاء التصريح ولكنني تعرضت لظلم وسوف أقاومه، المسألة أن كل مسلم يعمل داخل أمريكا اليوم سوف يفكر ألف مرة قبل أن يفوه بكلمة واحدة عن أي شيء لا يروقه، سواء تعلق الأمر بحقوق مدنية أم بسياسة خارجية".
واستطرد قائلا "يجد المسلم نفسه محاصرا بين سياسات أمريكا التي يعرف القاصي والداني أنها ظالمة، وبين محاولة التأقلم والعيش دون فقدان وظيفته أو التعرض لاعتباره عدوا للمجتمع الذي يعيش فيه، كما أن الهيستيريا الإعلامية التي تصور المسلمين كإرهابيين تساهم في تكريس تلك البيئة الخانقة".
وعلى عكس سياسات وزارة الطاقة، تم رفض طلب العالم المصري-الأمريكي بمنحه فرصة سماع دفاعه ضد قرار الفصل، كما تم رفض اطلاعه على أسباب القرار بدعوى "الأمن القومي"، مما حرمه ومحاميه من الاطلاع على أدلة الاتهام في القضية، وكنتيجة لذلك رفضت محكمة المقاطعة قبول الدعوى، مما دفعه لرفعها لمحكمة الاستئناف.
وقال أحد محامي الجنايني، ويتولد والزاك -وهو أيضا مدير قانوني في اتحاد الحريات الأمريكية المدنية- لـ"العربية.نت" "يقوم دفاعنا على أساس أن تتذرع وزارة الطاقة بالأمن القومي في حال السيد الجنايني ليس إلا محاولة إراحة أنفسهم من مسؤولية إخبارنا بالأسس، التي تم بناء عليها إلغاء تصريحه الأمني".
وأضاف "يدرك مسؤولو وزارة الطاقة عدم قدرتهم على الاعتراف بأنهم اتخذوا القرار؛ لأنه كان ينتقد معاملة الإدارة الأمريكية للمسلمين، لذلك يختبؤون وراء دعاوى الأمن القومي لتفادي تقديم تفسيرات".
حالة فريدة:
ويرى الجنايني أن قضيته حالة فريدة، وأنها المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي تقوم فيها الحكومة بفرض تعتيم كامل على قضية مدنية متذرعة بدعاوى الأمن القومي.
وأوضح "هذه هي المرة الأولى على الإطلاق في تاريخ أمريكا التي يستخدم فيها الأمن القومي كذريعة؛ حيث أن إلغاء التصريح الأمني لشخص ما دون تقديم تفسير من أي نوع ليوحي بالجرم الذي ربما يكون قد ارتكبه هو أمر لم نسمع عنه من قبل".
لا تسعى الدعوى القضائية التي رفعها اتحاد الحريات المدنية باسم الجنايني إلى إلغاء قرار وزارة الطاقة بفصله، ولكنها ترفض بطلان دعاوى الأمن القومي وتطالب الحكومة بالكشف عن أدلة انتهاك الأمن القومي التي تمتلكها ضد الجنايني؛ حيث يؤكد الدفاع أن تلك "الأدلة المزعومة لا وجود لها".
من جانبها رفضت وزارة الطاقة مناقشة القضية "خارج المحكمة"، مستشهدة بالاستئناف الذي تجري وقائعه هذا الشهر.
وتحدث تشارلز ميلر مسؤول العلاقات العامة بوزارة العدل لـ"العربية.نت" قائلا "جلسة الاستماع الأولى في استئنافه أمام الدائرة الثالثة بمحكمة الاستئناف الأمريكية يحين موعدها في السابع عشر من فبراير".
وأضاف والزاك "تحولت القضية الآن إذا كانت المحكمة لها سلطة مساءلة وتقييم قرار الحكومة بتغليف قضية السيد الجنايني بغلاف سميك من السرية المطلقة تحت ستار الأمن القومي، وبالتالي حرمانه من كافة حقوقه الدستورية".
غياب الأدلة:
من جانبه، يرى الجنايني أنه لا توجد أدلة ضده، مستشهدًا باستجوابات أمن وزارة الطاقة، والإف بي آي معه، والتي لم تتطرق لأي خروقات أمنية، بل ركزت على آرائه السياسية والدينية، وانصب جزء كبير منها على كتاب بعنوان: معجزة النمل، قام بتوزيعه على نزلاء السجن الذي كان يعمل إمامًا به في عطلات نهاية الأسبوع.
وشرح قائلا "لقد انتهكوا كل حقوقي الدستورية أثناء تلك الاستجوابات؛ حيث سألوني عن رأيي في الرجل العراقي الذي يفجر نفسه، وتحديدا إذا كنت أعتبره شهيدا، كما سألوني عن آرائي في القرآن، وعن أسباب عدم اتباعي للطريقة الأمريكية في الحياة بشكل عام، تلك الأسئلة لم تكن لها أية صلة من قريب أو بعيد بتصرفاتي في العمل".
وأضاف أن المحققين كانوا مهتمين تحديدا بشأن جزء من كتاب عن النمل ألفه الكاتب المسلم هارون يحيى، زاعمين أن العالم النووي كان يضمر "نوايا خطرة" عندما قام بتوزيع الكتاب على نزلاء السجن، الذي يعمل إماما به في العطلات الأسبوعية.
الكتاب عبارة عن تفسير إسلامي لكتاب علمي صادر عن جامعة هارفارد بعنوان "رحلة إلى النمل"، واحتوى على مقطع من كتاب هارفارد حول آليات الدفاع البيولوجي عند النمل؛ حيث ينتحر لإنقاذ المستعمرة في أوقات الخطر.
وقال الجنايني باسما "لو أن الموقف ليس خطيرا للدرجة التي أفقدتني عملي وعرضتني للتهديد من جانب الإف بي آي، لسخرت من هذه الأدلة وهذه الحماقة".
آمال معلقة على أوباما:
ومع وصول باراك أوباما للحكم أعرب الجنايني وحاميه عن آمالهم في أن يؤدي وصول باراك أوباما للسلطة في تغيير السياسات "الظالمة والمتعسفة" للإدارة السابقة، وأن يؤدي ذلك لإصلاح أوضاع الحريات المدنية عموما في البلاد وأوضاع المسلمين بشكل خاص.
"نأمل من الإدارة الجديدة التي أظهرت التزاما كبيرا بالفعل بالحريات المدنية أن تعيد النظر في موقف الإدارة السابقة تجاه هذه القضية"، كما قال ولزاك.
ورغم إيمانه بأن أوباما يمثل قوة للتغيير، أعرب الجنايني عن وجود مسؤولية تقع أيضا على عاتق المسلمين أنفسهم للمساهمة في إحداث التغيير المطلوب.
"سبب وصول خطاب تنصيب أوباما للعالم الإسلامي واستقباله بشكل إيجابي يرجع بالأساس لأن الحكومة الأمريكية تدرك أنها تجاوزت الحد المقبول في قمعها للمسلمين (في أمريكا والعالم)"، قال الجنايني.
أظهر التقرير السنوي لأحوال الحقوق المدنية للمسلمين في أمريكا والذي يصدره مجلس العلاقات الأمريكية-المسلمة أن 52% من انتهاكات حقوق الإنسان عام 2007 شملت قضايا مهاجرين ودعاية تحض على الكراهية.
مواضيع مماثلة
» أوباما يكشف أن والده كان مسلماً ثم ألحد..ويستشهد في خطابه بحديث للرسول محمد (ص)
» الدول العربية ستتوجه لمجلس الأمن من أجل دولة فلسطينية
» الاقرار بحق البهائيين بالرقم القومي دون ذكر الديانة
» مجلس الأمن يقرر وقف إطلاق النار
» قوات الأمن تلاحق مشتبها بهم في سيناء
» الدول العربية ستتوجه لمجلس الأمن من أجل دولة فلسطينية
» الاقرار بحق البهائيين بالرقم القومي دون ذكر الديانة
» مجلس الأمن يقرر وقف إطلاق النار
» قوات الأمن تلاحق مشتبها بهم في سيناء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى