الدقيقة من عمرك.

وجدت ان الدقيقة من الزمن يمكن ان يفعل فيها خير كثير, اما قراءة ايات, كل اية فيها عشرات الحروف, كل حرف

بعشر حسنات, فتصبح مئات الحسنات, ولو حسبت مئة:(سبحان الله وبحمده) لجاءت فى دقيقة واحدة.

ومن قال :(سبحان الله وبحمده) مئة مرة غفرت ذنوبه, وان كانت مثل زبد البحر.

وامررت عينى على ما يقارب اربع صفحات من كتاب فى دقيقة واحدة, وقرات الفاتحة سبع مرات سردا وسرا فى دقيقة

واحدة, وبعضهم حسب حسنات الفاتحة فاذا هى اكثر من الف واربعمئة حسنة, وتقرا سورة الاخلاص عشرين مرة سردا

وسرا فى دقيقة واحدة, ومن شك فليجرب

قصدى اخبارك بقيمة الدقيقة الواحدة من عمرك, وانها تمثل حدثا هائلا فى الذكر والتلاوة والدعاء والتدبر والمطالعة

والكتابة.

دقيقة واحدة فقط يمكن ان تزيد فى عمرك, فى عطائك, فى فكرك, فى فهمك, فى حفظك, فى حسناتك.

دقيقة واحدة تكتب فى صحيفة اعمالك اذا عرفت كيف تستثمرها وتحافظ عليها, فانظر كم من دقيقة؛ بل من ساعة؛ بل

من يوم؛ بل من شهر؛ بل من سنة ذهب منا هدرا, وضاع منا لغوا وعبثا, وطار هباء منثورا؟! وليت من ضيعها ينجو

راسا لا له ولا عليه؛ بل تجد خلاف ذلك من ذنوب وخطايا وسيئات, والله المستعان.

اقول: فى الدقيقة تستطيع ان تقول لا اله الا الله وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد, وهو على كل شئ قدير,

عشرين مرة, واجرها كعتق ثمانى رقاب فى سبيل الله من ولد اسماعيل.

وكما سبق فان قراءة:(قل هو الله احد) (الاخلاص) فى الدقيقة عشرين مرة تعادل كل القران سبع مرات, وذلك لان

(قل هو الله احد)تعادل ثلث القران. فكم بربك من فائدة ذهبت؟! ومن حسنة اهدرت؟! ومن لحظة سلبت فى القيل

والقال والغيبة والنميمة, وتتبع اخبار الناس والغفلة عن الرحيل واللهو فى كل باطل, والتسويف مع كل لاه؟!

اما فى عالم التاليف, فانك تستطيع ان تكتب فى الدقيقة:اربعة اسطر من الذاكرة, ومن النقل السريع خمسة, اى ما

يقارب ثلث صفحة, اى انك لو كتبت كل يوم خمسة اسطر لكتبت فى الشهر عشر صفحات وفى السنة مئة وعشرين

صفحة, وفى عشر سنوات الفا ومئتى صفحة, بقدر كتاب زاد المعاد لابن القيم, واقل قليلا من تفسير ابن كثير, ولو قرات

كل يوم فى دقيقة واحدة عشرين مرة (قل هو الله احد) لقرات فى الشهر ستمئة مرة (قل هو الله احد) وفى السنة سبعة

الاف ومئتى مرة, وهى تعادل فى الاجر قراءة القران الفين واربعمئة مرة.

وقد جربت حفظ بيت شعر فكررته عشرين مرة فى دقيقة واحدة حتى حفظته, فلو حفظت كل يوم بيت حكمة من الشعر

لحفظت فى عشر سنوات ثلاثة الاف وستمئة بيت شعر, تكون على طرف لسانك انسا فى مجلسك, وحكمة فى منطقك,

وتهذيبا للغتك.

وتستطيع ان تصلى على النبى صلى الله عليه وسلم خمسين مرة فى الدقيقة الواحدة بصيغة:صلى الله عليه وسلم, فيصلى

عليك الله مقابلها خمسمئة مرة, لان الصلاة الواحدة بعشر امثالها.

ويستطيع من صلى ركعتين خفيفتين يقتصر فيهما على الواجبات فقط كقراءة الفاتحة, وثلاث تسبيحات فى الركوع

والسجود. اقول: يستطيع ان يصليهما فيما يقارب دقيقة, فمن صلى كل يوم ركعتين ضحى نافلة صلى فى السنة اكثر

من سبعمئة ركعة, وكل ركعة فيها سجدتان, اى:يسجد فى السنة فى صلاة الضحى اكثر من الف واربعمئة سجدة.

وفى الحديث الصحيح:(انك لن تسجد لله سجده الا رفعك بها درجة, وحط عنك بها خطيئة)

فى الدقيقة الواحدة تستطيع ان ترضى الرب, وتمحو الذنب, وان تكتب لك عند الله بها اجرا, وتمحو بها وزرا, وتجعلها

لك عنده ذخرا, وتستطيع فى الدقيقة مع الدقيقة ان تؤلف, وان تكتب, وان تحفظ, وان تنمى موهبتك وان تجود ذاكرتك,

وان تزيد من علمك, وان تحافظ على وردك وان تعمق ثقافتك, وتوسع معارفك, وتنوع مواهبك,لكن الامر يحتاج الى

همة,اعوذ بالله من موت الهمم, وبرود العزائم, وخسة الطبع.

منقول من كتاب حدائق ذات بهجة

للدكتور: عائض القرنى